الكاتب والباحث علي السلامي

من خلال استعراض مجمل تأريخ الحكومات المعاصرة نقول إن رجعنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا
هناك عدة مخالفات للواقعية في العمل والنشاط السياسي تتمثل بصورة واضحة وفاضحة في نفس الوقت بسبب فضاعتها وقباحتها .،وذلك هي تأتي بعدة أشكال وألوان مختلفة نستطيع تحديد منها ولو على نحوى الاجمال ثلاثة ذات أهمية لا تنفصل عن الحالات الاخرى التي إن سنحت الفرصة سوف نبحثها كثيرا في فصول بحثية أخرى تبحث جانب الواقع السياسي إن شاء الله تعالى .، لكن الآن نأتي على بيان الحالات الثلاث لما لها أثر كبير يترك مدخلات ومخرجات سلبية تؤثر على المناخ العام ، خصوصاً الشعبي والمجتمعي .،
أولا عندما تدعي جهة اجتماعية ودينية كبيرة عدم مساهتمها ومشاركتها كلياً في العملية السياسية منذ اللحظة الأولى حتى ساعة اليوم ، وهي عند النظر والتحقيق يجد المتابع لها كانت ولازالت تمارس الأعمال السياسية والاقتصادية من خلال عدة طرق منها .، مثلا عندما تستظيف أغلب الشخصيات المتقدمة للصف الاول والثاني والثالث والرابع ،. وتجلس معهم للمداولة والمناقشة ، بل تذهب الى واقع يعتبر اكثر من ذلك بكثير عندما تفرض الاشتراطات الإلزامية على كل رئيس حكومة جديدة .، هذا فضلاً عن طبيعة الكثير والكثير من جمهورها المؤدلج الذي هو جمهور عدة احزاب وتكتلات تتحدث بإسمها منذ عشرات بل أحيانا تصل إلى مئات السنين .،
فالواقعية السياسية مع هذه الحالة المقيته التي هي وإن كانت لا تخالف الشارع في أكثر الأحيان بسبب وآخر معلوم للبعض ومجهول للكثير .،
ولكن هي أيضاً من حيث مخرجات الزمان والمكان التي تقول لنا أن من كان يعمل الأعمال السياسية والإدارية وإن كان هو لا يتواجد في داخل العملية السياسية بصورة واضحة للعيان .، ويتحدث عن عدم المشاركة لكي ينأى بنفسه عن واقع الفشل الذي يترتب بسبب حال سوء الاختيار الحاصل في آلية النظام.، فهو بلا أدنى شك يخالف كيانه الجمعي قبل أن يخالف الواقع الخارجي .، وذلك أي مشاركات بعنوانين ثانوية تحصل خلف الكواليس إن حصلت من قبل الأحزاب والتكتلات الغير معروفة سوف تسبب خسارات سياسية كبيرة إن لم تحسن التخطيط الاستراتيجي المدروس..، كما تسبب في تراجع الواقع الشعبي لها خصوصاً هي إذا كانت توجهات دينية تسببت في بعض الاماكن بتراجع ملحوظ ادى الى إحداث أزمات .، فهي إن كانت واضحة لماذا تحاول مثلاً التضليل السلبي على الشعب بتأسيس احزاب وتكتلات ظل خفية تعود لها مابعد العملية الانتخابية .، كما تلك الأحزاب والتكتلات ذات الشكل غير الواضح للجميع هي تدعم الأحزاب والتكتلات المعروفة في أغلب الدول التي يجد القارئ والمتابع لها أن السلطة دائماً بيدها .، لأن أحزاب وتكتلات الظل عادة تدعم أحزاب وتكتلات السلطة التي تخشى خسارة السلطة ، فاتعمل على تأسيس عناوين غير معروفة للشعب ، سوى فقط تجميل الصورة الوطنية ،
بعكس الحركات الناشئة ذات الشكل الواضح غير الخافي والمخفي على الشعوب والمجتمعات التي تحاول جهاراً نهاراً الدخول المباشر في معترك العمل والنشاط السياسي الحاكم والمعارض من خلال الفضاء المعلن .،
ثانيا هناك مخالفة للواقعية السياسية تكمن في مخالفة الشعارات الوطنية والقومية السابقة التي كانت تطلق للشعوب والمجتمعات ، كشعارات الوقوف أمام الاستعمار والاستبداديات والدكتاتوريات وما شابه ، أو شعارات الإصلاح المؤسساتي والإداري والإقتصادي الإشتراكي الرافض لمنهج الارسمالية .،
فمثلاً على سبيل البيان هناك شعار معلوم لأغلب الشعوب والمجتمعات الشرقية والغربية ، وهو شعار القومية العربية التي نادت بها وعملت عليها الكثير والكثير من الجماعات والحركات الناصرية والقومية.، أهمها شعار جمال عبد الناصر وشعار حزب البعث العفلقي .،
(وحدة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) كيف أن ذات الشعاريين هما يتناقضان مع الأفعال والتصرفات الذاتية الفردية والجماعية كلياً عندما قامت (حكومة عبد الناصر) في التدخل العسكري والأمني الواضح والصريح في العراق واليمن وسوريا وبعض الدول العربية الأخرى من دون وجه حق كلفت الشعب المصري كنكسة 1967 واحتلال سيناء .، لأن حجم القوة العسكرية التي كان يرسلها جمال عبد الناصر خارج مصر بحجج وغايات منطقية وغير منطقية .، هي لو كانت متواجدة وحاضرة من دون ادنى خيانات وقيادة سياسية حكيمة تقودها بلا أدنى تخبط عسكري في رسم وإعطاء القرارات المصيرية لما اقدمت ا س ر ا ئ ي ل على احتلال غزة والجولان وسيناء .،
فعام 1959.، عمل عبد الناصر وفق رؤية فوقية تسلطية تدعم توجهات فوقية وتسلطية اخرى تتوافق معه في مشروعة السياسي الحاكم .. على تحريك العبث بأمن الدولة العراقية تحت نطاق داعم.،
حزب البعث العربي الاشتراكي جناح العراق والمتحالفين معهم من رجالات الحرس القومي الذين كانا سوياً يحملان رشاشات ذات علامة معروفة للجميع بإسم (بور سعيد) وذلك
منذ المحاولة الأولى لاغتيال عبد الكريم قاسم ، حتى انقلاب عبد السلام عارف وزمرة البعث على حكومة قاسم1963 في يوم الثامن من شباط الاسود .,
وصولاً إلى الانقلاب مابعد مدة زمنية قصيرة جداً على نفس الجماعة البعثية القاتله التي اعاثت الذعر والثبور بالشعب العراقي والتي عرفت لدى الجميع (بالحرس القومي) إلى عام 1968وعملية الانقلاب العسكري الهادئ ثوريا على عبد الرحمن عارف .، المعروف بالرئيس الوديع عند رجالات البعث وأعوانهم في تلك الفترة الدموية العصيبة على شعب العراق التي بلا أدنى شك هي من كانت سبب بأن جعلت السنين تدور على حروب داخلية وخارجية كلفت العراق وشعبه الكثير والكثير .، فجمال عبد الناصر صاحب شعار القومية العربية والوحدة العربية مابين البلدان الثلاث العراق سوريا مصر ، هو أول من تسبب في خرق الشعار عندما عمل على خلق حالة التدخلات في الشؤون الداخلية للشعب العراقي .، هذا عن تدخله في العراق بصورة سافرة كانت سبب مباشر في سقوط حكم عبد الكريم قاسم ومجيء عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف وحزب البعث الصدامي ،، أما عن سوريا واليمن أيضاً تم خرق الشعار .،
ففي عام1961 ارسل عبد الناصر جيش مصر إلى سوريا بقيادة عبد الحكيم عامر لكي يكمل عملية الاندماج الكلي مابين مصر وسوريا بقيادة مصرية تقود البلاد والعباد ..؟
مع أن عملية الاندماج مابين سوريا ومصر في وقت زمان رفض العراق لها لما تحمل من انبعاثات سواء أكانت إيجابية أو سلبية .، كانت الغاية منها هو إرسال جيش مصر لبلد آخر لأجل السيطرة على الشعب السوري الذي يطالب بحقه السياسي الوجودي، كما هو الحال الواضح من إرسال حكومة السعودية جيش درع الجزيرة لقمع ثورة البحرين وشعب البحرين .. أما عام 1962 في اليمن السعيد التي وإن كان البعض يقول أنها تحمل جوانب حق للشعب اليمني .، لكن أيضاً استعمل عبد الناصر مبدأ الوصاية على الشعوب العربية الآخرى كصاحب مشروع أوحد يجب أن يطبق في أغلب البلدان العربية .،

وسوف نأتي لاحقا على بيان مخالفة الشعار الاقتصادي في الحالة الثالثة في النشر القادم إن شاء الله تعالى ،،