التدريسية: م.م.زينب جاسم الخفاجي / جامعة بغداد/ كلية التربية ابن الرشد
«صلاح الفرد بداية لإصلاح المجتمع»
إن الاصلاح الذاتي للفرد يمثل نقطة الارتكاز وبداية الانطلاق لإصلاح المجتمع والمحافظة عليه من التصدعات والعواصف المختلفة التي تطرأ عليه وتعتري صفوته, إذ أن الاصلاح للمجتمع هو رسالة الانبياء والاوصياء اجمع, تحملوا من أجله كل عذاب وواجهوا الطواغيت حتى يصلوا به إلى بر الأمان. وإن كلمات سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) تؤكد ذلك لقد تجسد الاصلاح في مقولة الامام الشهيرة التي سطرها في وصيته التي شرعها بنهضته لأخيه محمد بن الحنفية عندما اوصى قائلاً « ان الحسين يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وان محمداً عبده ورسوله، جاء بالحق من عنده، وان الجنة حق والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وان الله يبعث من في القبور، واني لم اخرج اشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي (صل الله عليه وآله) أريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن ابي طالب، فمن قبلني بقبول الحق؛ فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم، وهو خير الحاكمين، وهذه وصيتي إليك يا أخي، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب»
وضع الامام الحسين(عليه السلام) المبادئ التي ارتكزت عليها نهضته؛ اذ بدأ بصيغة النفي( لم اخرج اشراً)، (ولا بطراً)، و(لا مفسداً)، و(لا ظالماً) وفيها استبعد كل المفاسد التي قد ترافق اي عمل يقوم به المرء، فهو لم يطلب الدنيا التي قد تتأثر تجاه طلابها بعض الشبهات وتتخللها بعض المفاسد وربما تلحق الضرر بالأمة، ومن بعد ذلك انطلق الامام(عليه السلام) في ابراز اهداف نهضته الاصلاحية، من خلال اشارته إلى مطلب الاصلاح، وهو مطلب عام، ثم شرع بالإفصاح عن جزئياته ومفرداته، ومنها الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واتباع السيرة النبوية الشريفة التي اجمع عليها المسلمون وغير ذلك.
خطبة الامام الحسين (عليه السلام) وخطبه بشكل عام تلقي الضوء على موعظة الناس وما تحمل من مضامين اصلاحية وجهت بالدرجة الاولى نحو إصلاح النفس، التي تعد واسطة العمد التي يستند إليها إصلاح المجتمع برمته.
ويبدأ الفساد داخل النفس الانسانية إذ أنها ارض مهيأة لتقبل التغيرات التي تطرأ على المجتمع وهي ارض خصبة للنمو في احضانها, فالنفس الإنسانية قادرة على تقبل أي شيء يعص بها سواء أكان إيجابي أو سلبي, وما يهمنا بيانه هو التغيرات السلبية التي يعاصرها المجتمع وتؤثر عليه بشكل كبير ومنها الفساد برمته, ضعف المنظومة الدينية والقيمية للفرد, إذ يكون عرضة لتقبلها والتماشي معها.
إن المجتمع بشكل عام بحاجة ماسة للإصلاح سواء كان المجتمع اسلامي ام غي اسلامي, لكن نركز على المجتمع الاسلامي والمجتمع العراقي على وجه الخصوص, إذ نحرص على تزويد ابناءنا بنهج وتعاليم الدين الاسلامي القويم ومها هو متعارف عليه ومقبول في البيئة العراقية وايضاح السلوكيات غير المرغوبة التي تؤثر على الابناء وتؤدي بهم على الهاوية, خاصة مع ظهور التكنلوجية الرقمية الحديثة, وتلاقح الثقافات المختلفة وما تحمله بين طياتها من أمور مدمرة قد تفكك كيان الفرد أولًا ثم الاسرة واخيرًا المجتمع.
وقد تكون هذه التغيرات فكرية تهيمن على عقول الشباب والمراهقين إذ أن أكبر ضربة اصابت بلادنا هي تدمير القوى الانسانية ومنعها من النمو والتكامل من خلال نشر المعاصي والفتن والفن المنحرف والمخدرات والمشروبات الكحولية وظاهرة الشذوذ الجنسي, فهي من أخطر الامور التي تفقد شخصيته وثقته بنفسه ويصبح مجرد مقلد يقلد ما يأتيه من الخارج من غير وعي وإدراك وتخطيط تقليدها بعيوبها لو كان تقليدهم بالاستكشافات والاختراعات لحصل على المديح والثناء.
وهذه الأفكار الغربية تدعوا إلى التمرد والهروب والسخط وكره الدين والاسرة والادمان, وهذا يشعرنا بالأسى ونحن نرى التخريب والهدم للعقول البشرية وهضم وتطبيق مفاهيمهم بجدارة, وأن العلاج والشفاء من هذه الآفة يترك اثارًا كثيرة على الفرد وما يهمنا هو الاثر النفسي إذ أنه اشد وأخطر من الاثر الجسدي عليه فهو مريض خبيث منتشر في جسد الفرد وانتزاعه ليس أمرًا سهلًا.
ختاماً لابد من الرفض والاستنكار والوقوف بحزم بوجه الرياح الغربية العاتية الدخيلة على مجتمعنا العراقي والتي تحمل رسالة سامة هدفها تفكيك المجتمع وما به من معتقدات وثوابت وزعزعة افكار ابناءه وعلينا أن نأخذ بيدهم إلى الآمن والسلام النفسي.