خالد الصفراني
يشهد العالم اليوم صراعًا مستمرًا بين ثوابت الدين الإسلامي ومحاولات متعددة لتشويه مفاهيمه تحت ستار التطور والتغيير الثقافي. هذه المحاولات لا تقتصر على جانب واحد، بل تتجلى في مختلف المجالات الفكرية والاجتماعية، حيث يسعى البعض إلى زعزعة أسس الدين من خلال تقديمه بصورة تتعارض مع القيم والمبادئ التي جاء بها.
من أبرز ما يواجهه المسلمون في هذا الصراع هو التشكيك في ثوابت العقيدة الإسلامية، مثل مفهوم الحلال والحرام، والتشريعات المتعلقة بالأخلاق والقيم. البعض يروج لفكرة أن هذه التشريعات لا تتماشى مع ما يُسمى بـ «التطور» و»التغيير»، محاولين تقديم الإسلام كدين قديم لا يواكب متطلبات العصر الحديث. لكن الحقيقة التي يغفل عنها هؤلاء هي أن الإسلام دين شامل يراعي مختلف الأزمان والأماكن، ويضع مصلحة الإنسان في صميمه، بما يتناسب مع تطورات الحياة دون الإخلال بأسس العقيدة. الخلط بين التطور الثقافي وتشويه الدين يظهر بوضوح في ميادين مثل حقوق الإنسان، الحريات الفردية، والمساواة بين الجنسين. صحيح أن الإسلام يدعو إلى احترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة، إلا أن هذه القيم تأتي ضمن إطار متكامل يحفظ التوازن بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع. أما محاولات تشويه هذا التوازن، فتسعى إلى تقديم صورة مغلوطة عن الإسلام بأنه ضد حقوق الإنسان أو يحد من حرية الأفراد، بينما الواقع هو أن الدين الإسلامي جاء ليضمن حقوق ال جميع وفق ضوابط تحمي كرامة الإنسان.من جهة أخرى، تستغل هذه المحاولات مفهوم التغيير الثقافي لتقديم الإسلام وكأنه معادٍ للعلم والمعرفة. لكن إذا نظرنا إلى تاريخ الحضارة الإسلامية، نجد أن العلماء المسلمين كانوا روادًا في مختلف المجالات العلمية والفكرية، ما يعكس مدى توافق الدين مع التقدم العلمي والمعرفي. في الختام، تبقى مسؤولية المسلمين واضحة في مواجهة هذه المحاولات التي تسعى إلى تشويه المفاهيم الإسلامية. يتطلب الأمر وعيًا متزايدًا بضرورة التمييز بين التطور الإيجابي الذي يخدم المجتمعات وبين التشويه الذي يسعى إلى زعزعة القيم والمبادئ.